تقول زينب عبد الله، إنها كانت تبلغ من العمر نحو 8 أعوام عندما بصق عليها شخص لأول مرة لكونها مسلمة، الآن تبلغ من العمر 24 عاماً، ترتدي الحجاب ووزنها 105 أرطال، وطولها 5 أقدام، اعتادت أن تشعر بأنها بحاجة ماسة إلى حماية نفسها.

ومن خلال دورها في منصب نائب الرئيس في منظمة Deaf Planet Soul بولاية شيكاغو، تُدرِّس زينب فصولاً أساسية للدفاع عن النفس لمساعدة النساء الأخريات، بما في ذلك أولئك اللاتي يعانين من الصمم أو من يرتدين الحجاب، إنها تشعر بالاستعداد والقوة للقتال مرة أخرى.

وقالت زينب في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، صباح اليوم التالي لفوز دونالد ترامب بالرئاسة، إن عدداً كبيراً من النساء قد اتصلن بها للاستفسار عن نوع معين من التدريب يساعدهن في الدفاع عن النفس، وماذا يمكن أن يفعلن في حالة حاول شخص انتزاع حجابهن؟

وفي ذلك اليوم والأيام التي تلته، أبلغت نساء مسلمات في مدن أخرى بأنحاء البلاد عن استهدافهن بسبب ارتدائهن الحجاب، وكادت طالبة مسلمة في جامعة سان خوسيه أن تفقد القدرة على التنفس حين جذب رجل حجابها بعنف من الخلف. كما أبلغت طالبة محجبة في جامعة سان ديغو أنها سُرقت من قبل رجلان كانا يتحدثان بتعليقات حول ترامب والمسلمين.

استأجرت زينب على الفور المدرب ميشو سيكو، متخصص بفنون الدفاع عن النفس في شيكاغو، لتعليم النساء مجموعة من الحركات للدفاع عن أنفسهن في حالة جذب شخص حجابهن.

في يوم الأحد بعد يوم الانتخابات، درَّست زينب لمدة ساعتين "ندوة عن النجاة من جرائم الكراهية" لـ9 أشخاص، معظمهم من النساء المسلمات، حيث تعلم الحضور كيفية الهروب من محاولات انتزاع الحجاب، وكيفية تمييز جرائم الكراهية والإبلاغ عنها، وما الخطوات التي يجب أن يتبعها المارة غير المشاركين في الحادثة؟

وقالت زينب عن فصول الدفاع عن النفس: "إنها تمنحنا الثقة"، وتساعد زينب النساء على أن يدركن أنه "إذا كان هناك من يحاول نزع حجابك، فلديك الحق والقدرة على الرد والقتال".

قررت زينب نشر مقاطع فيديو لحركات الدفاع عن النفس على فيسبوك، وحثت صديقاتها على مشاركة مقاطع الفيديو على نطاق واسع. كما كتبت زينب: "بعد الانتخابات، تصاعدت جرائم الكراهية، لذا أصبح الدفاع عن النفس أكثر أهمية من أي وقت مضى، التدريب على هذه الخطوة هام كي تصبح العضلات مستعدة وبذلك يتعلم الجسم الرد قبل حتى التفكير".

في أحد مقاطع الفيديو تلك، تشرح زينب للسيدات كيف يتصرفن إذا حاول أحدهم انتزاع حجابهن من الخلف.

وجربت الخطوات مع شريك يقوم بدور المُهاجِم، كما استخدمت لغة الإشارة لشرح هذه الخطوات، ترجع زينب خطوات إلى الخلف، وتصنع ما يشبه الخطاف مع ذراع الجاني ثم ترفع ذراعيها لأعلى لتتمكن من تقييد حركة الجاني.

وأضافت، تفاجأت ذات صباح بعد فترة من نشر مقاطع الفيديو أنها انتشرت انتشاراً واسعاً جداً، وبعد نحو أسبوع، حقق أحد مقاطع الفيديو أكثر من 3.5 مليون مشاهدة كما تمت مشاركته أكثر من 57 ألف مرة، وتلقت زينب ما يقرب من 75 طلباً لفصول مماثلة من مسلمات من بلاد بعيدة مثل المملكة المتحدة، والمغرب، ونيجيريا.

لديها بالفعل ندوتان عن الدفاع عن النفس مقرر لهما موعد في مطلع ديسمبر/كانون الأول، وتأمل المساعدة في تنسيق دورات في أماكن أخرى من البلاد.

وتقول زينب إن لديها الكثير من الرسائل من النساء التي فحواها أنهن لا يعتقدن أنه كان من الممكن أن يقاتلن للرد على الاعتداء.

ووفقاً لتقرير واشنطن بوست، في الأيام التي تلت انتخاب ترامب، تابعت على الأقل 3 منظمات (مركز القانون الحاجة الجنوبي، ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، ورابطة مكافحة التشهير) ارتفاعاً ملحوظاً في حوادث جرائم الكراهية.

وذكر مات زابوتوسكي، المراسل الصحفي في صحيفة واشنطن بوست، في عام 2015، أن جرائم الكراهية ضد المسلمين وصلت أعلى معدلاتها منذ أكثر من عقد من الزمان، وتعليقاً على ذلك قال خبراء ومحامون إن هذه الجرائم اشتعلت بسبب الغضب من الهجمات الإرهابية والخطاب المعادي للإسلام في الحملة الانتخابية.

رفعت وكالات تطبيق القانون في أنحاء البلاد تقريراً عن 257 حادثة معادية للمسلمين في عام 2015، أي بزيادة قدرها 67% عن العام السابق، وفقاً لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي صدر الأسبوع الماضي.

وقد شاركت العديد من النساء المسلمات على وسائل الإعلام الاجتماعي، واصفة اعتداءات "انتزاع الحجاب" مشابهة لتلك التي وصفتها زينب عبد الله.

ونظمت بعض المسلمات الأخريات من مدن مختلفة فصول الدفاع عن النفس في أنحاء البلاد رداً على خطاب ما بعد الانتخابات والارتفاع الواضح في جرائم الكراهية.

وذكر موقع ماكلاتشي أنه في مدينة ممفيس التابعة لولاية تينيسي، اجتمعت كليمة عزيز، ناشطة إسلامية، مع مسؤولين في الشرطة المحلية للتخطيط لدورة دفاع عن النفس في مسجد محلي، وسيتعلم المشاركون "تكتيكات الهروب وتجنب الهجوم" ومشاهدة دروس فيديو توضح كيفية استخدام تطبيق الاستجابة للطوارئ لتسجيل أي هجوم وتنبيه السلطات.

وفقاً لمقال ماكلاتشي، تسعى غيرها من النساء للحصول على الأدوات اللازمة لمساعدتهم على الشعور بالأمن، ومن هذه الأدوات مخلب المرأة النمر للدفاع عن النفس الذي يُسمَّى Tigerlady، وهو أداة محمولة مع شيفرات بلاستيكية ويتم تسويقها للنساء اللاتي تهربن من اعتداءات.

وقال مسؤول من شركة Tigerlady: "إن الشركة بالتأكيد قد شهدت زيادة في المبيعات نتيجة للانتخابات".

وقالت زينب، التي فر والداها من العراق إلى الولايات المتحدة طالبيْن اللجوء، تشعر بعض المسلمات المحجبات بنوع من العزلة عند السير بالخارج بمفردهن، وأضافت أنها تأمل أن تساعد فصول الدفاع عن النفس هؤلاء النساء على أن يدركن أنهن لسن وحدهن في هذه المخاوف.

وأكدت زينب: "لدينا الكثير من الداعمين، فعلى الرغم من هذه الزيادة في الغضب، هناك أيضاً زيادة في إمكانية الاتحاد".

وأضافت زينب أن من أهم جوانب تدريب "النجاة من جرائم الكراهية " هو عنصر تدخل المارة.

وتذكر أنها قبل نحو عامين، كانت على متن قطار مزدحم متجه إلى وسط مدينة شيكاغو، بدأ رجل يصرخ بهتافات عنصرية في وجهها، عندما طلبت منه أن يتركها وحدها، بصق الرجل عليها.

وأضافت: " كان يشاهد الناس إهانات الرجل لي ولم يفعلوا أي شيء."

وتضيف أنه ليست كل الردود على مقاطع الفيديو الخاصة بها إيجابية، بعض التعليقات –التي قد حذفتها مؤخراً- كانت تعليقات عنيفة وتحريضية، وعلى سبيل المثال كانت هناك جملة تقول: "هذا سبب أنك لا تجردهن من حجابهن فحسب؛ بل تطلق عليهن النار في الرأس".

وعلق نقاد آخرون أنه بدلاً من تعليم النساء كيفية الدفاع عن أنفسهن في مثل هذه الحالات، يجب في المقام الأول تعليم الناس عدم انتزاع حجاب المرأة، وقد عقبت زينب أنها موافقة على ذلك.

وأضافت: "للأسف، هذا هو الواقع الذي نعيشه الآن ولكنني أفضل أن أكون مستعدة لإحداث تغيير على المدى الطويل، لا استطيع فعل كل شيء في الوقت نفسه".