بعد أن خرج من العاصمة العراقية بغداد بصفقة بعشيقة مقابل سنجار، توجه رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم، إلى عاصمة إقليم كردستان، أربيل، ليرسم مع زعيمه مسعود البرزاني آلية الضغط أكثر على حزب العمال الكردستاني.

وانتقل يلديريم إلى أربيل بعد أن كان قد تعهد بحل أزمة معسكر بعشيقة في محافظة نينوى، حيث تنتشر قوات تركية بهدف تدريب عشائر المنطقة على محاربة تنظيم داعش الإرهابي، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين أنقرة وبغداد.

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي السبت، قال رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إن قضية بعشيقة "ستحل قريبا"، مضيفا أن يلديريم والوفد المرافق له "أكدوا أن هذا الموضوع سيحل بشكل صحيح خلال فترة قريبة..".

وحل قضية معسكر بعشيقة الذي يقع غرب الموصل الخاضعة لسيطرة داعش منذ 2014، لم ير النور، على الأرجح، إلا بعد أن كانت بغداد، على لسان العبادي نفسه، قد تعهدت الثلاثاء الماضي، بالعمل على طرد حزب العمال الكردستاني من مدينة سنجار في نينوى.

ويسيطر حزب العمال الكردستاني الذي ينشط في جنوب شرق تركيا وتعتبره الحكومة التركية ودول غربية منظمة إرهابية، على مناطق مهمة في سنجار، التي تقع بين مدينة الموصل والحدود السورية، وهو ما أثار حفيظة أنقرة ومخاوفها.

وقبل زيارة يلدريم، كان العبادي قد طالب حزب العمال بالانسحاب من سنجار، وقال إنه اتفق مع حكومة إقليم كردستان العراق على أن تخضع المنطقة لسيطرة قوات البشمركة بالتعاون مع الجيش العراقي، لترد له أنقرة التحية السبت بوعد الانسحاب من بعشيقة.

ويرى مراقبون أن الصفقة الأخيرة التي لن تكتمل فصولها إلا بمباركة البرزاني، جاءت بموجب اتفاق تركي-إيراني، لاسيما أن طهران تعد القوة الإقليمية الأبرز التي تدعم بالسر حزب العمال وتستخدمه كورقة للضغط على تركيا على وجه الخصوص.

وفي هذا السياق، قال الكاتب عبدالوهاب بدرخان لـ"سكاي نيوز عربية" إن طهران ربما تعمل على التخلي "مرحليا عن ورقة حزب العمال الكردستاني" كمقدمة لتفاهمات ثنائية مع أنقرة حول سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا منذ عام 2011.

وأضاف بدرخان، أن إيران لديها قنوات سرية منذ أعوام طويلة مع حزب العمال الكردستاني التركي "بي.كا.كا" امتدت حديثا إلى جماعات كردية سورية، ويبدو أنها أدركت اليوم أن هذه الورقة لم تعد مثمرة، لاسيما في ظل الدعم الأميركي والروسي للأكراد في سوريا.

وأردف قائلا إن إيران، وبعد أن أثار التقارب الروسي-التركي في الملف السوري هواجسها، تسعى الآن إلى عقد صفقة مع أنقرة عبر الحكومة العراقية لكي لا تجد نفسها وحيدة، وهو ما كشفت عنه الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء التركي إلى العاصمة العراقية.

وضرب "بي.كا.كا" الذي تعتبر أنقرة أنه مرتبط بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وتحجيمه في العراق بحاجة أيضا إلى ضوء أخضر من البرزاني، الذي أكد في أكثر من مناسبة وقوفه إلى جانب أنقرة ضد هذه الجماعة.

والحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق الذي يتزعمه البرزاني على خلاف تاريخي مع حزب العمال، الأمر الذي يشجع زعيم كردستان على العمل على وقف تمدده، واسترضاء أنقرة التي يرتبط معها بشبكة مصالح اقتصادية وسياسية.

ويبدو أن زيارة يلرديم إلى أربيل لا تقتصر على بحث "الموصل ما بعد داعش" وإطلاع البرزاني على الصفقة التركية-الإيرانية حول حزب العمال، بل تسعى أيضا إلى تمهيد الطريق لزيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى عاصمة كردستان.

وقالت مصادر في أربيل لـ"سكاي نيوز عربية"، طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن أردوغان سيزور بعد أشهر قليلة أربيل دون المرور ببغداد، في رسالة تؤكد على عمق العلاقة بين كردستان وتركيا بصرف النظر عن "المركز".