لا تزال سفينة آر إم إس تايتانيك -التي تستقر على عمق أربعة آلاف متر تحت الماء- تأسر الجمهور بعد أكثر من قرن على غرقها في شمال المحيط الأطلسي.

وقد أُعلن حالياً عن أن هؤلاء المفتونين بالسفينة سيكونون قادرين على مشاهدتها بأنفسهم عن طريق الانضمام إلى رحلات الغوص المتجهة إلى حطام السفينة في عام 2018، بحسب صحيفة Telegraph البريطانية.

ستبدأ شركة "بلو ماربل برايفت" للسياحة، التي تتخذ من لندن مقراً لها، في تقديم هذه الرحلات، في شهر مايو/آيار، خلال العام القادم، من خلال إدارة رحلات تستمر لثمانية أيام، تنتهي كل منها بمشاهدة أعظم السفن الأسطورية خلال العصور الحديثة عن قرب.

وستبدأ المجموعات، التي تتكون كل منها من تسعة أشخاص فقط تجربتها من خلال الطيران بطائرة هليكوبتر أو طائرة مائية من مدينة سانت جون على جزيرة نيوفاوندلان، ثم تشق طريقها نحو يخت دعم المجموعة الاستكشافية الموجود في مكان ما فوق الحطام.

كما سيكون هناك وقت للتكيف مع هذه البيئة الجديدة، إذ سوف تتعرف هذه المجموعة الصغيرة من الزوار المتميزين على أعمال السفينة في اليوم الثاني من وجودها على متنها عن طريق طاقمها ومجموعة المستكشفين الضيوف، والعلماء، وطاقم المجموعة الاستكشافية.

وسيحظى الراغبون في الانضمام لأعمال السفينة مباشرة بفرصة المشاركة في محاضرات التوجيه، كما يمكنهم أن "يساعدوا" الطاقم في التخطيط لعملية الغوص، وتشغيل السونار، واستخدام نظام الملاحة تحت البحر.

إلا أن الأيام من الثالث وحتى السادس ستكون أكثر الأيام إثارة في هذه الرحلة الاستكشافية. فإن سمحت الظروف الجوية، سيتمكن ثلاثة ركاب في المرة الواحدة من الصعود على متن غواصة مصممة خصيصاً من ألياف التيتانيوم والكربون؛ لكي يشاهدوا البقايا المتحللة من تايتانيك نفسها.

وتبحر المجموعة، التي يصحبها قائد الغواصة وخبير بأعماق المحيطات، فوق ظهر السفينة، وبالأحرى هذه المجموعة ستكون قادرة على مشاهدة السلم الكبير الذي ما زال يمكن التعرف عليه من بين الفتات.

فيما تجري الغطسات على مدار اليوم، عندما تكون ظروف الطقس مناسبة. كما يُتوقع من عملاء بلو ماربل برايفت أن يسهموا بمجهودهم مع البعثة (حتى إن كان مجرد إسهام سطحي) من خلال مساعدتهم في الاتصالات تحت سطح البحر وخوض المهمات الرئيسية.

دروس للاستفادة من التجربة قدر الإمكان

وسوف تُصقل غطساتهم بمحاضرات ومناقشات وتحديثات عن البعثة ومقتطفات عن الغوص، يلقيها عليهم مستكشفو أعماق المحيط والعلماء. إذ يهدف كل هذا لإعطائهم إدراكاً أعمق بالمجهود المطلوب لجعل الغوص ممكناً. وبعد تلخيص لكل ما جرى وقضاء يوم آخر في البحر، تعود المجموعات إلى سانت جون مرة أخرى.

فضلاً عن كونها تجربة لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر لهؤلاء القليلين الذين سيستفيدون من هذا العرض، تبقى رؤية تايتانيك وجهاً لوجه تجربة مميزة لا يشارك فيها سوى عدد قليل من الأشخاص على هذا الكوكب.

غرقت سفينة تايتانيك، التي يبلغ طولها 880 قدماً وارتفاعها 100 قدم، في الخامس عشر من أبريل/نيسان عام 1912، ليفقد معها 1500 شخص أرواحهم، أثناء أولى رحلاتها المتجهة من ساوثهامبتون إلى نيويورك.

تسجل رحلة الصيف القادم أولى الرحلات، منذ عام 2005، التي تسمح للعامة بالغوص إلى موقع السفينة، إذ إن عدد الأشخاص الذين رأوا الحطام أقل بكثير من عدد من سافروا إلى الفضاء أو من وصلوا إلى قمة جبل إيفرست.

يبدو كل شيء على ما يرام، إلا أن العرض سيكون بالأحرى متاحاً لعدد قليل من العملاء في صيف 2019، وستتكلف 105125 دولاراً للفرد، وذلك يعود لتعقيدات الرحلة.

رغم هذا، توجد دلالة كبيرة، وغير واضحة لهذا السعر. فإن جرى تعديل التضخم الحالي عبر الزمن سنجد أن هذا السعر يساوي سعر تذكرة الدرجة الأولى على متن أولى رحلات السفينة تايتانيك في عام 1912، والذي بلغ 4350 دولاراً آنذاك.

بيد أنه من الواضح أن الجميع سوف يأملون لهذه الرحلات المستقبلية أن تنجح نجاحاً أكبر بكثير من سابقتها في الماضي.