ينتشر مرض الكوليرا في مناطق عدة من العالم بما فيها منطقة الشرق الأوسط.

ويصل الى مستوى وبائي خصوصا في فصل الصيف.

ويعاني حاليا سكان اليمن من انتشار المرض الذي تفاقمه الحالة الانسانية المتردية بسبب الحرب هناك.

والكوليرا التهاب معوي تسببه عصيات جرثومية يطلق عليها ( Vibrio Cholerae).
والعلامة الفارقة للاصابة بالكوليرا هي الاسهال الشديد.

ويمكن للمرض ان يكون متوطنا أو وبائيا أو متفشيا.

وبالرغم من كل التقدم المحرز في الأبحاث، ما زال هذا المرض يشكل تحديا للطب الحديث.

وتعد النظافة عنصرا مهما للوقاية منه إضافة الى اللقاح المضاد.

وفي حين إن الاصابة العادية بالكوليرا قد تصاحبها اعراض بسيطة او لا تظهر اعراضا بالمرة، لكن الاصابة الشديدة قد تودي الى فقدان خطير للسوائل والأملاح وبالتالي الى الوفاة خلال ساعات معدودة.

تنتقل العدوى بالكوليرا عن طريق الفم بسبب التلوث بفضلات المريض.

وفي الدول المتقدمة، وبفضل انظمة تصفية المياه والصرف الصحي المتطورة، لا يشكل مرض الكوليرا مصدر تهديد حقيقي، ولكن مع ذلك ينبغي ان يكون الاطباء والمواطنون العاديون - خصوصا أولئك الذين يسافرون إلى بلدان اخرى أقل تطورا - على اطلاع على كيفية انتقال المرض وسبل الوقاية منه.

لا يشكل التشخيص الدقيق شرطا لعلاج مرضى الكوليرا، لأن الأولوية في علاج أي اسهال شديد هي تعويض السوائل والأملاح المفقودة واعطاء المضاد الحيوي المناسب عند الحاجة.

نظرة تاريخية
يعد مرض الكوليرا من الأمراض الغارقة في القدم، إذ تأثرت به الشعوب في شتى انحاء العالم طيلة التاريخ.

وتصف كتابات ابو قراط (460 الى 377 قبل الميلاد) وكتابات العلماء الهنود مرضا قد يكون مرض الكوليرا.

وكان الطبيب البريطاني جون سنو أول من أثبت في القرن التاسع عشر أنه يمكن منع انتقال الكوليرا الى حد كبير عن طريق توفير مياه الشرب النظيفة للناس.

ففي انتشار وبائي للمرض في لندن في عام 1854، توصل سنو الى ان مضخة ما في شارع برود ستريت كانت هي مصدر العدوى.

وفعلا تم احتواء الوباء بمجرد استبدال عتلة المضخة.

اكتشف جرثومة الكوليرا عالم الجراثيم الالماني روبرت كوخ في عام 1883 اثناء انتشار وبائي في مصر.

ويعني الشطر الأول من اسم الجرثومة إنها تهتز اثناء حركتها.

ومنذ عام 1817، شهد العالم 7 حالات انتشار شامل للمرض، كان مصدرها جميعا مستودع الكوليرا المتوطن في شبه القارة الهندية.

وقعت الحالات الست الأولى بين عامي 1817 و1923، واثرت 5 منها اوروبا بينما وصلت 4 منها الى الولايات المتحدة مسببة 150 الف حالة وفاة في عام 1832 و50 الف وفاة في عام 1866.

اما حالة الانتشار الشاملة السابعة - والأولى في القرن العشرين - فقد بدأت في عام 1961، وبحلول عام 1991 كانت قد وصلت الى 5 قارات ومازالت مستمرة الى يومنا هذا.
اليمن
يعاني اليمن من تفشي وباء الكوليرا في الوقت الراهن، وتقول منظمة الصحة العالمية إن 300 الف يمني قد يصابون بالمرض في الأشهر الستة المقبلة، سيموت منهم "عدد كبير جدا."

وكان المرض بدأ بالانتشار في تشرين الأول / أكتوبر 2016 وواصل انتشاره الى كانون الأول / ديسمبر.

ولكنه انحسر بعد ذلك الا انه لم يسيطر عليه ابدا.

ويقول ممثل المنظمة في اليمن إن انهيار الاقتصاد اليمني نتيجة للوضع الأمني والحرب وتدهور نظام العناية الصحية فاقما الوضع.

وتسجل حالات الاصابة بالكوليرا في فصل الصيف في بلدان أخرى في الشرق الأوسط، التي يعد المرض متوطنا في بعضها.

طبيعة الجرثومة
جراثيم ( Vibrio cholerae) هي عبارة عن عصيات لا هوائية تشبه الفارزة في شكلها ولا تأخذ صبغة غرام.

ويتراوح حجمها بين 1 الى 3 ميكرومتر طولا و0,5 الى 0,8 ميكرومتر قطرا.

ومن الجدير بالذكر ان لجرثومة الكوليرا مستودعان رئيسيان، البشر والماء، إذ يندر اكتشافها في الحيوانات، كما لا تلعب الحيوانات دورا في انتقال مرض الكوليرا.

سير المرض
كانت نسبة الوفاة بمرض الكوليرا قبل تطوير انظمة فعالة لتعويض السوائل والأملاح أكثر من 50 بالمئة.

وتزيد هذه النسبة عند الحوامل والاطفال.

وتنخفض نسبة الوفاة في حال توفر سبل حقن السوائل عن طريق الوريد.

وتبلغ نسبة الوفاة الآن في اوروبا والأمريكتين حوالي 1 في المئة.