يقفز لمخيلة السعوديين والمهتمين من الآثاريين في العالم بالمواقع التاريخية مدائن صالح بما تحتويه من كنوز أثرية كبيرة تقف شاهداً لمحافظة العلا التي ترقد على كنوز تاريخية لم تستغل.

وتعد الواجهات الصخرية المنحوتة في الجبال أهم ما يميز العلا في تاريخها الكبير والذي يعود لآلاف السنين والذي سجلته اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي وهو أول موقع سعودي يتم تسجيله.

العلا المحافظة السعودية التابعة للمدينة المنورة تقع في شمال غربي المملكة على الطريق التجاري التاريخي الرابط بين شبه الجزيرة العربية ببلاد الرافدين والشام ومصر.

وتعد مدائن صالح من أهم حواضر الأنباط بعد عاصمتهم البتراء إذ تحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط، ويعود أبرز أدوارها الحضارية إلى القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي.

وتضم مدائن صالح التابعة للعلا 153 واجهة صخرية منحوتة كما تضم عدد من الأثار الإسلامية والتي تتمثل بعدد من القلاع والحصون.

أول الحضارات في العلا

يرى الدكتور أحمد محمد العبودي الأستاذ المشارك بقسم الآثار بجامعة الملك سعود والذي أمضى 14 عاماً في التنقيب في العلا ومدائن صالح أن الموقع ثمودي حسب ما يراه من معطيات.

وقال العبودي إن قصة نبي الله صالح حدثت في الموقع وفق معطيات كثيرة ودرسات وأبحاث البعض لم يكشف عنها حتى الآن.

كما بيّن أن هناك قرية مدفونة لم يتم الكشف عنها حتى الآن في أحد المواقع والتي يعود تاريخها للفترة الثمودية، مشيراً إلى أن بعض الدلالات تشير للموقع.

ولفت إلى أن الترتيب الزمني، بحسب تقييم بعض الآثاريين: الديدانيين أولاً ثم اللحيانيين فالانباط وهم من اتخذوها مقابر رغم أنها لم تكن كذلك من قبلهم.

وأرجع العبودي أهمية مدائن صالح لتسلسل الديانات السماوية فيها، فاليهودية والمسيحية والإسلامية كلها لها آثار في مدائن صالح، مضيفاً أن هناك أكثر من 450 نقشاً في جبل واحد وهي نقوش في العصر الإسلامي المبكر في جبل تسميه البادية جبل أبا الكتابة واسمه المعروف جبل الأقرع شمال مدائن صالح.

وذكر أن مملكة ديدان، وهي مملكة تابعة لمملكة معين في القرن الخامس قبل الميلاد قامت في الحجر والأجزاء الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية، ربما تكون بداية لهذا الموقع الحضاري الآثاري.

الثموديون

يرجح الدكتور أحمد العبودي المنقب الآثاري في العلا أن الثموديين هم أول من سكن الحجر وأول من نحت المنازل في الصخور، وجاد بعدهم الأنباط وقد جاء ذكر الحجر وقصة ثمود في القرآن في أكثر من موقع حيث يذكر القرآن الكريم قوة الثموديين ونحتهم للبيوت في الجبال وهو كما نراه ماثلاً في الجبال في مدائن صالح.

وبين العبودي أنه لا يزال البحث والتقصي في مدائن صالح يجري في تلك المواقع رغم الضعف الكبير في الأبحاث.

كما لفت إلى أن الاكتشافات والاستنتاجات تتوالى من السياح أنفسهم حين يزورون تلك المواقع والجبال والتي لم تكتشف بعد.

أكبر موقع أثري في العالم

وقال أحمد العبودي إن موقع مدائن صالح يعد أكبر موقع آثار في العالم والذي لم يتم بعد حصر المواقع والنقوش من كثرتها وعددها وكذلك هناك المزيد لم يكتشف حتى الآن، مشيراً إلى أنه لا يوجد في العالم موقع بهذا العدد من النقوش والكتابات الصخرية والنحت على الجبال، وكذلك بلدات لم يتم الكشف عنها مطمورة تحت الأرض وتنتظر التنقيب.

هيئة ملكية للعلا

يعد إنشاء هيئة ملكية للعلا اعترافاً بأهمية الموقع التاريخي والأثري على مستوى العالم والذي من المنتظر تطويره بما يتناسب مع هذا الموقع.

وقال العبودي إن العلا لم تكتشف بعد وتحتاج لمزيد من الجهود لاكتشاف هذا الموقع الأهم ليس على الجزيرة العربية فحسب بل على مستوى العالم.