قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الأربعاء في نايبيداو عاصمة بورما، إن واشنطن تعارض "في الوقت الراهن" فرض عقوبات جديدة على بورما، لكنه دعا لتحقيق مستقل في التقارير "الموثوق فيها" التي تحدثت عن ارتكاب جنود الجيش البورمي فظائع ضد أقلية الروهينغا المسلمة.
وجاءت تصريحات تيلرسون بعد زيارة ليوم واحد لنايبيداو التقى خلالها قائد الجيش وزعيمة بورما، فيما يتزايد الغضب الدولي إزاء التسامح مع الجيش البورمي المتهم بشن حملة تطهير عرقي ضد الروهينغا.
وقال تيلرسون في مؤتمر صحافي، وهو يقف إلى جانب زعيمة بورما أونغ سان سو تشي "إن فرض عقوبات اقتصادية شاملة ليس بالشيء الذي أنصح به في الوقت الحاضر (...) سندرس كل ذلك بكثير من الحذر لدى عودتي إلى واشنطن".
وتابع "لا يمكنك الاكتفاء بفرض عقوبات والقول بعدها إن الأزمة انتهت".
وتتعرض السلطات في بورما لانتقادات شديدة بسبب طريقة إدارتها لأعمال العنف في غرب البلاد التي أدت إلى تشريد مئات آلاف الأشخاص من الروهينغا المسلمين خلال الأشهر القليلة الماضية.
ووصف تيلرسون ما يحصل في إقليم راخين بـ"الفظيع"، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة "ستكون مفيدة للجميع".
وقال إن واشنطن "قلقة للغاية حيال التقارير الموثوق بها عن ارتكاب الجيش البورمي فظائع واسعة"، وحث بورما على قبول تحقيق مستقل، يمكن بعده أن تكون العقوبات على الأفراد مناسبة.
وأجبر أكثر من 600 ألف من أفراد الروهينغا على الفرار إلى بنغلادش المجاورة خلال شهرين ونصف شهر، منذ شن الجيش في أواخر آب/أغسطس 2017 حملة عسكرية في ولاية راخين الغربية أعلن أنها تستهدف إخماد تمرد للروهينغا.
"لست صامتة"
وفيما يصر الجيش على أنه يستهدف متمردي الروهينغا فقط، ينقل اللاجئون الذين اكتظت بهم المخيمات في بنغلادش شهادات عن أعمال قتل واغتصاب وحرق منازل على أيدي قوات الأمن.
ويرفض الجيش هذه التقارير كما يرفض السماح بدخول محققين تابعين للأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم التطهير العرقي.
لكن واشنطن حرصت على عدم تحميل أونغ سان سو تشي المسؤولية، راسمة بذلك خطا فاصلا بين الجيش والحكومة المدنية التي تقودها الزعيمة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.
من جهتها رفضت أونغ سان سو تشي الاتهامات الموجهة إليها بأنها "بقيت صامتة" أمام المجازر التي ارتكبت بحق الروهينغا، وقال تيلرسون إنها تركز عوضا عن ذلك على الخطاب الذي يتجنب إشعال التوتر العرقي.
ورغم أن لا دور لها في السياسات الأمنية، أصبحت أونغ سان سو تشي محط انتقادات المنظمات الحقوقية المحبطة من عدم انتقادها للجيش بشكل علني وعدم دفاعها عن الروهينغا بوجه تنامي مشاعر الإسلاموفوبيا.
لكن سو تشي التي نادرا ما تعقد مؤتمرات صحافية، تحدثت عن هذه الاتهامات الأربعاء.
وقالت مدافعة عن نفسها "لست صامتة (...) ما يقصده الناس أن ما أقوله ليس مهما بقدر كاف".
وتابعت "ما أقوله لا يفترض أن يكون مثيرا، يفترض أن يكون دقيقا (...) لا يضع الناس ضد بعضهم البعض".
ويقول المدافعون عنها أنها يجب أن تتعامل بحذر مع الجيش الذي يمكن أن يلغي المكاسب الديمقراطية التي سجلت في أي وقت.
تجديد العقوبات
وكانت واشنطن شريكا رئيسيا في الانفتاح الديمقراطي الذي أدى بالنهاية لتولي سو تشي الحكومة بعد انتخابات حرة في العام 2015، إثر خمسة عقود من الديكتاتورية العسكرية.
وألغت واشنطن حظرا تجاريا وعقوبات على مقربين من الجيش في مسعى لتمهيد الطريق للتحول الديمقراطي.
لكن تفجر أزمة الروهينغا دفع أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى اقتراح تجديد هذه العقوبات المفروضة على الجيش البورمي.
ونوه تيلرسون إلى أنه سينظر في مشاريع القوانين لدى عودته إلى واشنطن.
وقبل يومين من وصوله، نشرت السلطات البورمية الاثنين نتائج أول تحقيق رسمي في الأزمة برأ جنود الجيش من كل مزاعم الانتهاكات.
ونفى التقرير مزاعم قيام عناصر الجيش باغتصاب النساء أو حرق القرى أو نهب المنازل.
وذكر التقرير أن قوات الأمن "لم تهدد أو تخرج القرويين (الروهينغا) من قراهم".
وانتقدت المنظمات الحقوقية هذا التقرير الذي عدته محاولة لتبرئة ساحة" الجيش الذي له تاريخ طويل من الانتهاكات، خصوصا ضد الأقليات العرقية في المناطق الحدودية.