قالت وسائل إعلام إسرائيلية ودولية إن القوات الإيرانية والجماعات المسلحة التي تديرها في سوريا قد ابتعدت عن الحدود الفاصلة بين سوريا وإسرائيل مسافة 85 كيلومترا في الفاتح من شهر اغسطس/آب الحالي (دمشق تبعد عن خط الفصل بين اسرائيل وسوريا أقل من 40 كم).
ونقلت وكالة أنباء تاس الروسية عن مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قوله: "إن مقاتلي حزب الله والمليشيات الشيعية التي تدعمها إيران قد انسحبوا جميعا من هناك".
وأضاف أن الإيرانيين الذي يعملون بصفة مستشارين عسكريين مع قوات الحكومية السورية لا يشملهم هذا الإجراء ويمكنهم أن يظلوا مع القوات السورية في مواقع انتشارها قرب الحدود بين سوريا وإسرائيل.
تأتي هذه التطورات بعد أن تمكنت القوات السورية مدعومة بالطيران الروسي والجماعات المسلحة المتحالفة معها من السيطرة مؤخرا على كامل محافظتي القنيطرة ودرعا بعد التوصل إلى اتفاقات تسوية مع مقاتلي المعارضة في هذه المناطق والتي تضمنت السماح لمن لا يقبل بالتسوية بالانتقال إلى محافظة إدلب في الشمال.
واكتملت المرحلة الأخيرة من الحملة العسكرية الحكومية في المنطقة يوم 30 يوليو/تموز 2018 بالسيطرة على جيب صغير قرب الحدود السورية-الأردنية-الإسرائيلية كان يسيطر عليه "جيش خالد ابن الوليد" المبايع لتنظيم الدولة الاسلامية، إذ لم تعد هناك مناطق خارج سيطرة الحكومة في جنوب وجنوب غربي البلاد.
كما سيرت قوات الفصل بين الدولتين والتابعة للأمم المتحدة دورية لها يوم 2 أغسطس/آب 2018 لأول منذ عام 2012 برفقة الضباط الروس الذين وصلوا إلى خط وقف إطلاق النار المتفق عليه منذ عام 1974، في دلالة إلى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.
كما أعلنت روسيا أنها بصدد إنشاء 8 نقاط مراقبة عسكرية في منطقة الجولان بهدف مساعدة قوات الأمم المتحدة المنتشرة بين البلدين في تنفيذ مهامها ولمنع وقوع أعمال "استفزازية" قد تستهدف قوات الأمم المتحدة حسب قول الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية. وستُنشر قوات الشرطة العسكرية الروسية في هذه النقاط.
وأوضح أن انتشار الشرطة الروسية في المنطقة سيكون مؤقتا وستسلم هذه النقاط للجانب السوري عند استقرار الأوضاع. وأضاف أنه لا توجد وحدات عسكرية أو جماعات مسلحة تملك أسلحة أو معدات يمكن أن تشكل تهديدا على أمن إسرائيل في كل المنطقة الواقعة ما بين خط فصل القوات بين سوريا وإسرائيل حتى عمق 85 كم داخل الأراضي السورية.
لكن لإسرائيل موقفا آخر، فقد صرح وزير التعاون الدولي الإسرائيلي، تساهي هنغبي، لإذاعة إسرائيل أن هذا التموضع غير كاف ولن تقبل إسرائيل بأي وجود لإيران في سوريا.
وأشار هنغبي إلى أن الصواريخ الإيرانية طويلة المدى والطائرات المسيرة التي نشرتها في سوريا تشكل تهديداً لإسرائيل.
وعرضت روسيا إبعاد القوات الايرانية والجماعات المسلحة التي تديرها عن حدود إسرائيل خلال لقاء وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزير الدفاع الروسي برئيس وزراء اسرائيل، بنيامين نتنياهو، مؤخرا، لكن الجانب الإسرائيلي رفض العرض.
وأعلن السفير الروسي لدى اسرائيل، أناتولي فيكتوروف، أن روسيا غير قادرة على إرغام إيران على مغادرة سوريا بشكل تام. وألمح فيكتوروف إلى استمرار موسكو في انتهاج سياسة غض الطرف عن الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف شحنات أسلحة حزب الله اللبناني وإيران ومواقعهما في سوريا.
وأوضح هنغبي أن إسرائيل ترفض ما سماه مساعي إيران وحزب الله لتوسيع خط مواجهتمها مع اسرائيل ليشمل سوريا أيضا. وقال "لسنا على استعداد لقبول جبهة جديدة لحزب الله ضدنا على الحدود الفاصلة بين إسرائيل وسوريا. هذا أمر خطير. إذا لم نمنع ذلك الآن وفي مراحله الأولى، سندفع ثمنا باهظا مستقبلا".
ولعبت إيران والمقاتلون الشيعة الذين تديرهم دوراً أساسيا في دعم الرئيس السوري، بشار الأسد، وفي النجاحات العسكرية التي حققها منذ 2015 والتي تمثلت في طرد الجماعات المعارضة من معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها.
وتقول روسيا إن إيران شريك مهم لها في العديد من المجالات وتلعب دوراً أساسيا في "القضاء على الجماعات الارهابية" في سوريا ووجودها في سوريا شرعي لأنه جاء بناء على طلب الحكومة السورية.
وكان نتنياهو قد كشف في شهر يونيو/حزيران الماضي أن إيران قد نشرت 80 ألف مقاتل شيعي في سوريا، جاؤوا من بلدان مثل العراق وباكستان وافغانستان. وقال "إن هذا الوضع لن نقبل به ولن نسمح لإيران بذلك وقد قصفنا مواقع هذه المليشيات".
يكرر جميع المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو تحذيره لإيران من إقامة قواعد عسكرية في سوريا الأمر الذي يمكنها من تنفيذ هجمات على إسرائيل إنطلاقا منها.
وتقول تل أبيب إن طهران نشرت عناصر من الحرس الثوري الايراني وأسلحة في عدد من القواعد العسكرية والمطارات. وقد كثفت من وتيرة هجماتها وغاراتها الجوية داخل الأراضي السورية وتقول إنها تستهدف قواعد إيرانية أو قواعد تتمركز فيها قوات إيرانية أو مليشيات مقربة منها.
وأعلنت في شهر مايو/آيار الماضي أنها قصفت أكثر من 35 هدفاً إيرانياً في جنوب ووسط سوريا وصولاً إلى الحدود مع العراق شرقاً، وأوضحت إسرائيل إنها خاضت أكبر مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران وأكبر عملية عسكرية في سوريا منذ حرب 1973.
وبدأ التصعيد الكبير بين الطرفين في 10 فبراير/شباط 2018 عندما شنت إسرائيل غارات على مطار تيفور وسط سوريا، حيث شيدت إيران قاعدة للطائرات المسيرة ( درون) هناك حسب المصادر الاسرائيلية وقتل في الغارة عدد من الخبراء والمستشارين الإيرانيين.
وجاءت الغارة بعد أن دخلت طائرة بلا طيار انطلقت من مطار تيفور إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل فتصدت لها الطائرات الاسرائيلية وأسقطتها. وقالت إسرائيل لاحقاً إن الطائرة كانت تحمل أسلحة.
وخلال الغارة على المطار تصدت وسائط الدفاع الجوي السورية للطائرات الاسرائيلية ونجحت في إسقاط واحدة فوق مرتفعات الجولان وردت اسرائيل على ذلك بتدمير عدد من قواعد الدفاع الجوي.
وفي 14 أبريل/نيسان تواترت أنباء عن انفجارات ضخمة في قاعدة عسكرية في جبل عزان في ريف محافظة حلب الشمالية قُتل فيها عدد من عناصر مليشيا تابعة لإيران ونفى حزب الله والحكومة السورية هذه الأنباء.
وفي 30 أبريل شنت إسرائيل هجمات بصواريخ كروز وطائرات مقاتلة على أهداف في سوريا من بينها مستودع أسلحة قرب مدينة حماه وسط سوريا كما ذكرت الأنباء وتسببت الانفجارات التي تلت الهجوم بهزة أرضية شدتها 2.6 درجة على مقياس ريختر.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن 26 شخصا قتلوا في الهجوم، أغلبهم إيرانيون. كما شملت الغارات مطار النيرب العسكري المجاور لمطار حلب المدني.
أما الهجمات التي شنتها إسرائيل يوم 10 مايو/أيار فشملت ضرب أكثر من 35 هدفا بينها عدد من قواعد الدفاع الجوي، واستخدمت فيها الطيران الحربي وصواريخ كروز والمدفعية والدبابات.
وقال الجيش الاسرائيلي إنه استهدف عدداً كبيراً من المواقع العسكرية التابعة لايران في سوريا رداً على الهجوم الصاورخي الايراني على إسرائيل.
واتهمت إسرائيل فيلق القدس بالوقوف وراء الهجوم الصاروخي وتوعدته بأنه سيدفع ثمن ذلك.