حينما كان الفرنسيون يحتفلون بالحصول على أول كأس عالم في تاريخ بلادهم عام 1998، كان هيرفي رينار يعمل عامل نظافة في نادي دراغنيا المتواضع بعد اعتزاله لعب كرة القدم، وبعد ذلك التاريخ بعقدين، أصبح "الثعلب" كما يطلق عليه في فرنسا، من أكثر المدربين المطلوبين في آسيا وإفريقيا بعد نجاحات منقطعة النظير حققها في القارة السمراء.

وكشفت تقارير صحفية سعودية أن هيرفي رينار على وشك استلام تدريب المنتخب الأخضر خلفاً للأرجنتيني خوان أنطونيو بيتزي، وذلك بعد استقالته من منصبه إثر خروج المغرب من كأس أمم إفريقيا التي اختتمت قبل أسبوع في مصر.

ولم تكن مسيرة رينار باهرة كلاعب إذ قضى مشواره بين 3 أندية في 15 عاما، حيث بدأ قلب الدفاع مسيرته في نادي كان، وهو الأبرز بالنسبة له، قبل اللعب لستاد دو فالوري ومنه إلى دراغنيا، الذي لم يلعب له سوى عام واحد.

وامتهن رينار أعمال التنظيف عندما اعتزل كرة القدم في عام 1998، إذ كان ينظف السجاد ويقوم بتفريغ القمامة دون شعوره بالحرج بعدما ضاقت به السبل، لإيجاد وظيفة عقب ترك كرة القدم.

ورأى رينار بعد اعتزاله كرة القدم أنه مازال بحاجة إلى وظيفة تنقذه ماديا، وهو ما أعانه عليه بيير روميرو، مدير إحدى شركات التنظيف، والذي عمل أيضا في وقت سابق كمدير في نادي روين الفرنسي.

واعتبر رينار حينها أن وظيفته كمنظف كانت أكثر صعوبة من لعب كرة القدم أو حتى العمل كمدرب، وكان عمله يتطلب تنظيف الشقق السكنية وتفريغ القمامة، كما شمل جدوله الاستيقاظ في الصباح الباكر للتنظيف قبل أن ينتهي من عمله ويتدرب مع دراغنيا حتى التاسعة مساء وظل على هذه الحال لثماني سنوات صعبة إذ كان لا ينام إلا لأربع أو خمس ساعات يوميا.

وبعدما أصبح رينار مدربا قرر أن يفتح شركة التنظيف الخاصة به، ليوظف جيمس هندمارتش، أحد اللاعبين المعتزلين الذين دربهم، ما ساعده على التفرغ لعالم التدريب قبل أن يبتسم الحظ له عندما رفض روميرو عرض المدرب الفرنسي المخضرم كلود لوروا ليكون مساعدا له في بكين رينهي الصيني، ويعرض المنصب الجديد على رينار.

ويرى رينار أن حياته في هذه السنوات الثمان كانت درسا لا ينسى لأنها أعطته نظرة للحياة بشكل أوضح.. ويقول: كانت هذه الأعوام أفضل مدرسة مررت بها وجعلتني أرى الحياة بشكل أوضح.

وفي عام 2018، اتجهت الأنظار لإحدى أغلفة المجلات المغربية، واتاي أظهرت المدرب الفرنسي وهو بجانب زوجته السنغالية فيفان ديي، أرملة برونو ميتسو، مدرب السنغال والعين الإماراتي واتحاد جدة السابق، رغم حرصه الشديد الدئم على عدم إظهار حياته الشخصية للعلن.

ورغم مسيرته التدريبية الممتدة 20 عاماً، إلا أنه اكتشف نفسه في القارة السمراء عندما قاد زامبيا إلى بطولتها الرسمية الأولى وتحقيق كأس الأمم 2012، قبل أن يحصل على بطولة أخرى مع المنتخب المغمور في عام 2013، والتي تسمى "كوسافا" وهي خاصة بالمنتخبات المتواجدة في جنوب قارة إفريقيا.

وقبل 4 أعوام أعاد رينار توهجه في إفريقيا وقاد منتخب ساحل العاج إلى بطولته الثانية في تاريخه والأولى منذ عام 1992.