أكدت المملكة العربية السعودية أن مجموعة العشرين برئاستها تبنت مبادرتين نوعيتين ترتبطان بالبيئة؛ الأولى تتعلق بتخفيف التصحر وزيادة المسطحات الخضراء والأخرى تتبنى مفهوم الاقتصاد الدائري الكربوني، مما سيكون له أكبر الأثر في الحفاظ على البيئة واستدامة الموارد.

جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية التي قدمها معالي وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة خلال الفترة ٧ - ١٧ يوليو ٢٠٢٠.

وقال معاليه ": ما يقف بيننا وبين العالم الذي نحلم به هو ما نعتقد ونؤمن، ونحن في المملكة العربية السعودية نؤمن بأن ما يمر به العالم بسبب جائحة كورونا هي فرصة تاريخية .. ولكن هل سنستغلها؟، ومما لا شك فيه، أن العالم بعد هذه الجائحة لن يكون كما كان عليه في السابق".

وأوضح معالي الأستاذ الجدعان، أن جائحة كورونا قد تسببت في التأثير سلبا على جوانب الحياة اليومية في جميع أنحاء العالم وكان لها التأثير المباشر على الصحة والاقتصاد والتوظيف وسلاسل إمداد الغذاء في حين أنها خلقت فرصة ثمينة لإعادة بناء النظام الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ليكون أكثر استدامة ويجعل الانسان محورا له.

وأشار معاليه إلى أن هناك درس واحد يجب تعلمه من هذه الأزمة، وهو الحاجة إلى التعاون المشترك وتضافر الجهود العالمية لإيجاد حلول فعّالة لمواجهة التحديات الحالية في ضوء التغيرات السريعة والمفاجئة التي أعاقت التقدم المرجو لتحقيق الرفاه الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والنماء البيئي.

وأضاف الجدعان: إن اهتمام المنتدى هذا العام بـ " تسريع إجراءات العمل وانتهاج مسارات التحول: لتحقيق عقد كامل من الإنجاز والعمل من أجل التنمية المستدامة " يأتي متسقا مع التزام المملكة بالمضي قدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تتواءم مع رؤية المملكة 2030 وخططها الوطنية بشكل جوهري بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وأبان معاليه أنه على الصعيد الاجتماعي، ومنذ بداية تفشي فايروس كورونا؛ عملت المملكة بلا تردد على جعل صحة الإنسان أولوية قصوى وذلك بالمحافظة على سلامة المواطنين والمقيمين، من خلال توفير جميع التدابير الصحية والاحترازية للوقاية من فيروس كورونا ومنع انتشاره، وذلك وفق توجيهات حكيمة من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله-، الذي أكد بأن المملكة، مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحد من آثارها، مستعينة بالله تعالى، ثم بما لديها من إمكانيات.

ولفت النظر إلى أنه بناء عليه فقد عملت حكومة المملكة على مراجعة وإعادة توجيه بعض مخصصات الإنفاق في الميزانية نحو القطاعات الأكثر حاجة، وعلى رأسها تخصيص مبالغ إضافية لقطاع الصحة.

وأردف يقول: أما في المجالات التنموية الاخرى، فان المملكة استجابت بشكل سريع لمواجهة الأزمة باتخاذ إجراءات عاجلة على عدة أصعدة، فقد اعتمدت الحكومة السعودية مبادرات عاجلة لمساندة القطاع الخاص لاسيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة مستهدفةً الأنشطة الاقتصادية الأكثر تأثرا بتبعات هذه الجائحة، بالإضافة إلى رفع قدرتها على التكيف مع المتغيرات السريعة عن طريق تسخير الوسائل والتقنيات الرقمية لتقديم الخدمات الأساسية كالتعليم عن بعد وتيسير إنجاز الأعمال والخدمات الحكومية عن بعد.

وأفاد معالي وزير المالية وزير الاقتصاد والتخطيط المكلف الأستاذ محمد الجدعان، أنه قد ساهمت الاستراتيجيات الوطنية في مجالات الاتصالات وتقنية المعلومات والاستثمار في البنية التحتية الرقمية في التصدي للتحديات التي أوجدتها هذه الأزمة والتخفيف من حدتها، إذ يعد هذا الأمر أساسي لبناء مجتمعات مرنة قادرة على الصمود.

وأكد معاليه، أنه على الجانب البيئي، الذي يعد الأقل تضررا من تبعات هذه الجائحة، أن المملكة مستمرة في تعزيز إجراءاتها المتعلقة بالتغير المناخي ضمن توجهها نحو التنفيذ الكامل لاتفاقية باريس، حيث انضمت المملكة للاتفاقية الإطارية للتحالف الدولي للطاقة الشمسية، والذي يضم 121 دولة حول العالم، كما حققت المملكة السعر الأكثر تنافسية على مستوى العالم لتوليد طاقة الرياح.

وقال معاليه: إن المملكة العربية السعودية تمضي قدما في وضع معالم بارزة لـ "مشروع خارطة الطريق للاستدامة بالمملكة"، يأتي في مقدمتها وضع التنظيمات المؤسسية وإيجاد البيئة اللازمة لتمكين كافة أصحاب المصلحة من أداء الأدوار والمسؤوليات المناطة بهم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما يتوافق مع الأولويات الوطنية.

وأبان أنه في هذا العام 2020م، تقود المملكة جهود مجموعة العشرين بروح التعاون العالمي، وتسعى جاهدة للتوصل إلى توافق في الآراء وتحقيق نتائج ملموسة بشأن القضايا الحاسمة المتعلقة بالبشرية واستدامة موارد كوكب الأرض، مشيرا إلى أن الرئاسة السعودية ستقوم بتوجيه العمل نحو "تحقيق الفرص في القرن الحادي والعشرين للجميع" مع التركيز على ثلاثة أهداف رئيسية (تمكين الناس، وحماية الكوكب، وتشكيل الآفاق الجديدة من خلال الاقتصاد الرقمي وتوظيف التقنيات المبتكرة).

وأردف معاليه: ينبغي أن نعترف ومع هذه البداية المضطربة لـ"عقد العمل" بأنه ورغم الجهود المبذولة من قبل منظمة الأمم المتحدة والدول الأعضاء إلا أن هذه الجهود لا تتناسب مع حجم التحديات أو سقف الطموح الذي نملكه حول العالم المستدام الذي نحلم به، مؤكدا أن المملكة العربية السعودية ستستمر في السعي إلى تعزيز التعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الاستراتيجيين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأبدى معاليه تطلع المملكة إلى المضي قدما في الحوار البناء والعمل المشترك على أولويات التنمية المستدامة أثناء رئاستها لمجموعة العشرين خلال العام الحالي لدفع عجلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليا وإقليميا ودوليا مما سينعكس إيجابا على تحسين جودة حياة الإنسان أينما كان.

وأعرب معالي الأستاذ الجدعان، في ختام الكلمة، عن شكره للدول التي قدمت استعراضها الوطني الطوعي لهذا العام، لما تضمنته من قصص النجاح ودروس مستفادة في مجال التنمية المستدامة، معلنا أن المملكة العربية السعودية ستشارك بعرضها الوطني الطوعي الثاني خلال المنتدى القادم عام 2021م بعنوان "خارطة الطريق للاستدامة – برؤية وطنية وشراكات عالمية".