لم تكن هنية تدري أن صورتها التي التُقطت خلال حملها لصينية طعام قدمتها وقت الإفطار للمصابين والعاملين وجنود الأمن في موقع حادث قطار القليوبية مساء الأحد ستنتشر كالنار في الهشيم وتصبح حديث وسائل التواصل في مصر.
القصة بدأت مع انتشار خبر حادث انقلاب عربات "قطار القاهرة المنصورة" عند قرية سندنهور بمحافظة القليوبية في الثانية ظهر أمس الأحد وسقوط قتلى ومصابين.
وقتها لم تنتظر السيدة هنية طه أحمد إمام كثيراً، فقد قررت أن تعد طعاماً كثيراً لكي تذهب لمكان الحادث الذي يقع بالقرب من قريتها في كفر الحصة التابعة لمدينة بنها.
وقبل موعد الإفطار، كانت هنية في موقع الحادث برفقة ابنها حاملةً صينية الطعام لتقديمها للمتواجدين من المصابين والركاب الناجين والعاملين في إزالة آثار الحادث وعناصر الأمن.
وقالت هنية لـ"العربية.نت" إنها جهزت الكثير من الطعام واصطحبت ابنها وحملت الصينية وذهبت لمكان الحادث لكي تقدم طعام الإفطار الصائمين من المتواجدين، مضيفةً أنها تجولت بين المتواجدين ووجدتهم يتناولون طعام الإفطار الذي قدم لهم من جانب الجمعيات الخيرية. فظلت تتجول بالصينية بحثاً عن صائمين آخرين، وكانت تنادي على من ليس لديه طعام حتى استوقفها أحد المسعفين وطالبها بالذهاب لآخر مكان تتواجد فيه عربات القطار حيث يجلس بعض جنود الأمن الذين لم يتناولوا الإفطار بعد.
وذهبت هنية بالفعل للمكان الذي وجهها إليه المسعف، وهناك قدمت طعامها للمتواجدين من الجنود وبعض الركاب، وقد كان الطعام كافياً للمتواجدين. ونالت هنية بفضل هذا الأمر شكرهم وحصلت على دعواتهم.
وأشارت إلى أنها فعلت ذلك "ابتغاء مرضاة الله" ولم تكن تعلم أن هناك من يقوم بتصوير ما حدث وأن صورتها ستنتشر على "فيسبوك".
وإثر انتشار الصورة، توالت الاتصالات على هنية من وسائل الإعلام التي طلبت استضافتها، إلا أن السيدة أكدت أنها لم تفعل "سوى الواجب وأصول الضيافة".
وقالت هنية إن زوجها لم يكن يعلم بما فعلته فهو يعمل ويقيم في الزقازيق بمحافظة الشرقية ويأتي في إجازة عند أسرة في كل نهاية أسبوع، وفور علمه بما حدث وانتشار صورة زوجته على "فيسبوك" شكرها وأشاد بتصرفها.
وأضافت هنية أنها شعرت أن المتواجدين في موقع الحادث هم أبنائها وأشقائها ويحتاجون لمن يقدم لهم الطعام والمياه، وهو ما فعلته وقدمت ما كان في قدرتها واستطاعتها.
ولهنية 4 أبناء (ولدان وبنتان) وهم يسافرون يومياً بالقطار للذهاب دراستهم أو عملهم، لذا كان تصرفها نابعاً من إحساسها بـ"شعور كل أم لديها ابن في القطار حالياً وفي موقع الحادث وساقته الظروف ليصبح عالقاً في منطقة بعيدة لا طعام فيها ولا ماء"، فكان "الواجب" يقتضى منها أن تقدم لههم الطعام والماء حتى عودتهم لمنزلهم سالمين معافين.
وأوضحت أنها لم تقدم الطعام بمفردها للمتواجدين بل قدمته كل أسر وعائلات القرية لقربها من موقع الحادث. كما ساهم ابنها الذي يدرس بكلية التمريض في إسعاف المصابين بموقع الحادث، بينما ترك شقيقها ورشته وذهب لإغاثة المصابين وإخراج الضحايا من العربات. كما ساهم أهالي القرية في نقل المياه والعصائر والمشروبات الساخنة للمتواجدين.
وكانت محطة سكة حديد طوخ في محافظة القليوبية قد شهدت خروج عربات القطار "رقم 949 القاهرة المنصورة" عن القضبان مساء الأحد ما أسفر عن وفاة 11 شخصاً وإصابة 98 آخرين.