ارتبط الحج منذ القدم بالعديد من المهن والوظائف، والتي تتعلق بخدمة الحجيج أو توفير الأجواء المناسبة لأداء مناسك الفريضة المقدسة.

ولعل بعض هذه الوظائف استطاعت أن تحافظ على تواجدها حتى الآن، في حين لجأت مهن أخرى مرتبطة بالحج لمواكبة التقنيات الحديثة من أجل الحفاظ على مكانتها التاريخية.

ونستعرض عددًا من المهن التي ارتبطت بشكل رئيسي بموسم الحج عبر سنوات طويلة.

الزمازمة

يتضح من الاسم ارتباط هذه المهنة بسقاية ماء "زمزم" للحجيج وزوار بيت الله الحرام، وهي إحدى المهن التي شهدت تطويرًا ملحوظًا مقارنة بصورتها القديمة، حيث كان في السابق تتمثل مهمة الزمازمة في نقل الماء من بئر زمزم وتخزينه في أوعية فخارية، ثم توزيعه على الحجيج وتنظيم عملية شرابهم منها.

وفي عام 1403 هـ، صدر أمر سامٍ بإنشاء مكتب الزمازمة الموحد، وذلك بهدف توحيد الجهود لتقديم أفضل مستويات الخدمة لضيوف الرحمن من كل الجنسيات دون استثناء، ما أسهم في تطوير المهنة الممتدة عبر مئات السنين.

السدانة

تُعد من المهن المرتبطة بالكعبة المشرفة نفسها، والتي بدأت منذ زمن بعيد، حيث أوكل النبي ﷺ مهمة الاحتفاظ بمفاتيح الكعبة إلى بني أبي طلحة بعد دخوله مكة، قائلًا: "خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم"، لتبقى هذه الوظيفة لسلالة أبي طلحة المعروفين بـ"آل شيبة" منذ 1400 عام.

وقديمًا كان للسادن مهام كثيرة، منها تدبير أمور الكعبة من نظافة الكسوة وإصلاحها، وصولًا لغسلها والإشراف على بابها وإغلاقه، إلا أنه مع مرور الوقت، انحصرت مهام "السادن" في الإشراف على تركيب كسوة الكعبة، وذلك بعد إسناد الأمر لشركة خاصة تصنعها.

الطوافة

تُعد من المهن الشهيرة في موسم الحج، وهي مهنة نشأت قبل أكثر من 5 قرون، حيث تتمثل أدوار مؤديها في نقل وإرشاد الحجيج إلى الطرق الصحيحة للمشاعر المقدسة، وذلك منذ القدوم لمكة المكرمة وحتى مغادرتها.

وخضعت هذه المهنة للتطوير على مدار السنوات، إلى أن أصبحت مهنة مؤسسية يتم اختيار مؤديها وفق شروط مختلفة، أبرزها الدراية الكاملة بطرق مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والقرب من ضيوف بيت الله الحرام بصفة دائمة.

وتُعد أبرز المحطات التي مرت بها هذه المهنة، صدور بلاغ من المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود بعد دخوله مكة المكرمة، عُرف وقتها بـ"بلاغ مكة"، أكد خلاله استمرار رواتب المطوفين وموظفي الحرم الشريف والعلماء.


كشافة الحج

تعود مهنة الكشافة إلى السبعينيات الهجرية، حيث بدأت بمجموعة اجتهادية بلغ عدد أفرادها 100 فرد، وكان عملهم مقتصرًا على التعاون مع وزارة الحج بالأراضي المقدسة، إلى أن انضم إليها مجموعات من الكشافة من محافظتي جدة والطائف في مطلع الثمانينيات.

وبدأت الخدمة تأخذ شكلًا رسميًا تحت رعاية الكشافة العربية السعودية عام 1382هـ، واتسعت خدماتها لتشمل معاونة الهلال الأحمر السعودي في تقديم الخدمات الطبية، ثم توسعت لتشمل الشباب المسلم من كافة أنحاء الحركات الكشفية بالعالم.

وأصدر الراحل الملك فيصل موافقة بشأن إقامة التجمعات العربية والإسلامية للكشافة عام 1384، بما يسهم في توفير شباب من جنسيات مختلفة يستطيع التفاهم والتعامل الحجاج القادمين من بلدانهم.