أكد محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميّان، أن الصندوق لا ينافس القطاع الخاص، مشيراً إلى خطط الصندوق لتوفير 1.8 مليون وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة، معرجًا على استثمارات الصندوق في الخارج وشركة الطيران التي يعتزم إطلاقها قريباً.
بداية رحلة صندوق الاستثمارات
أشار الرميّان إلى قرار ولي العهد عام 2015 بإعادة تشكيل مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة برئاسته، مضيفاً أن الأمير محمد بن سلمان كلّفه بترشيح مدير تنفيذي للصندوق، فرشح له عدداً من الشخصيات القيادية في القطاع الاستثماري، لكنه تفاجأ بعدها باختياره من قِبل ولي العهد لمنصب المحافظ.
وتابع خلال مقابلة مع "بودكاست سقراط"، أن ولي العهد اجتمع بمجلس إدارة الصندوق بعد إعادة تشكيله لمدة 18 ساعة على مدار يومين، وناقش الاجتماع عمل الصندوق وخططه المستقبلية، وتم الاتفاق على إنشاء ست محافظ استثمارية للصندوق.
وتوزعت هذه المحافظ بواقع أربع للسوق السعودية، وهي الاستثمارات في الشركات السعودية، وتطوير القطاعات الواعدة وتنميتها، والاستثمارات في المشاريع العقارية والبنية التحتية، والاستثمارات في المشاريع السعودية الكبرى، إضافةً إلى المحفظتين الأخيرتين للاستثمارات العالمية.
نهضة الصندوق
كشف الرميان أن صندوق الاستثمارات العامة توسّع على المستوى الهيكلي والاستثماري منذ عام 2015، فعلى مستوى هيكلية الصندوق ارتفع عدد الموظفين من 40 موظفاً إلى زهاء الألفين، كما أصبح لدى الصندوق مقر ضخم في مركز الملك عبد الله المالي بمدينة الرياض بعد أن كان يقبع في أحد مباني وزارة المالية.
على المستوى الاستثماري، نوّه الرميّان بدعم ولي العهد الذي ساهم في توسع الاستثمارات العالمية، حيث كانت لا تشكل سوى 5% فقط من استثمارات الصندوق عام 2015، لذا تم إنشاء محفظتين استثماريتين متوازنتين للاستثمار في عدة قطاعات مثل الأسهم والبنية التحتية والصناديق الخاصة، وكذلك الاستثمار في "سوفت بنك" الياباني، وشركة "أوبر" للنقل التشاركي، التي تعتبر أول استثمار استراتيجي للصندوق ووضعه على خريطة الاستثمارات العالمية.
وكشف الرميّان أن حجم أصول صندوق الاستثمارات العامة كان 150 مليار دولار عام 2015، والآن تجاوز 600 مليار دولار، بينما العائدات كانت لا تتجاوز 3% عام 2015، والآن أصبحت تتجاوز 8% بما يعادل نحو 50 مليار دولار سنوياً.
وأشار إلى أن أحد أسباب ارتفاع قيمة أصول وعائدات صندوق الاستثمارات نمو الأسواق السعودية، إضافةً إلى بعض الاستثمارات الدولية المستقرة في الأسهم الخاصة والأسواق العمومية، والاستثمار في شركة "لوسيد إير"، التي استثمر الصندوق فيها أكثر من ملياري دولار (65% من قيمة الشركة)، ونمت قيمة الشركة إلى 60 مليار دولار.
وتابع أن الصندوق يعمل على رفع قيمة أصوله إلى أكثر من تريليون دولار بحلول 2025، ومن ثم إلى 3 تريليونات دولار.
لا ننافس القطاع الخاص
وحول ما يتردد عن منافسة الصندوق للقطاع الخاص، شدد الرميّان على أن الصندوق ليس في منافسة مع القطاع الخاص، بل يعمل على تنمية وتطوير القطاعات المختلفة وإنقاذ الشركات المتعثرة، وحث المستثمرين على الدخول في المجالات الواعدة مثل استثمار الصندوق في قطاع السينما فور السماح بها في المملكة.
وأشار في هذا الصدد إلى شركة السيف للخدمات الأمنية التي استفادت من تجربة الحراسات الأمنية لشركة أرامكو، وبفضل التدريب والتأهيل وكفاءة الخدمات والرواتب المجزية أصبح حراس أمن الشركة الأكثر طلباً لدى العملاء الحكوميين والقطاع الخاص.
وأكد الرميّان أن استثمار الصندوق في السوق المحلية يعمل على تغطية القطاعات الجديدة والواعدة شريطة أن تكون ذات عوائد استثمارية وإضافة اقتصادية.
وأضاف أن الصندوق سينفق نحو 200 مليار ريال سنوياً في الاقتصاد المحلي، وقد ساهمت استثماراته المحلية في توفير 400 ألف وظيفة، كما يستهدف الصندوق توفير 1.8 مليون وظيفة خلال السنوات الخمس المقبلة.
الاستثمار إبّان الجائحة
قال الرميّان إن أعضاء مجلس إدارة الصندوق كانوا يرون أثناء جائحة كورونا أن يتم توجيه استثمارات الصندوق إلى السوق السعودية، لكن المحافظ ورئيس مجلس الإدارة (ولي العهد) كان لهما رأي مختلف وهو أن هذه فرصة تاريخية يجب استثمارها، فتم رفع الأمر وصدر التوجيه بالتوجه نحو الأسواق العالمية واستغلال هذه الفرصة الاقتصادية، حيث استثمر الصندوق نحو 35 مليار دولار وحقق عوائد 40% خلال الأشهر الأولى من الأزمة.
خطوط الطيران الجديدة
تحدث الرميّان عن شركة الخطوط الجوية التي يعتزم الصندوق إطلاقها، قائلاً إن أولى رحلاتها ستنطلق عام 2024، وسيكون لها محور خطوط واحد وهو الرياض، ومنها إلى الوجهات المحلية والدولية الأخرى.
وأضاف أنه تم توظيف عدد كبير من القياديين من بين الأفضل في العالم لهذه الشركة الناشئة، والمدير التنفيذي للشركة سيصل الرياض خلال شهر.
الاستثمار في الترفيه والرياضة
عدّ الرميّان قطاعي الترفيه والرياضة من بين القطاعات الاستراتيجية لاستثمارات الصندوق، مضيفاً أن الألعاب الإلكترونية من أكثر القطاعات نموًا في الاقتصاد العالمي، فضلاً عن أن ذلك يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
وأضاف الرميان أن الصندوق رفض عروضاً للاستثمار في فرق إيطالية وفرنسية وأخرى إنجليزية، واختار نيوكاسل بالتحديد للاستثمار فيه؛ لكونه النادي الوحيد في إنجلترا الذي يمثل وحده مدينة كاملة تعدادها مليون نسمة جميعهم مشجعون للفريق، ويمثل دفعة أساسية لاستثمار الصندوق في القطاع الرياضي في أوروبا والمملكة، حيث يطمح الصندوق لرفع قيمة نيوكاسل من 300 مليون إلى 3.5 مليار دولار (قيمة نادي تشيلسي حالياً).
ماذا تعلم من ولي العهد؟
كما تحدث الرميان عمّا تعلمه من ولي العهد من خلال عمله تحت رئاسته خلال الأعوام السبعة الماضية، مبيناً أن ولي العهد يتميز بالمعرفة الشاملة، والاهتمام بالتفاصيل، والاستماع جيداً لمختلف الآراء وعدم مقاطعة المتحدث أبدًا، فضلاً عن العقلانية والمنطقية، وترتيب الأولويات، وكيفية استغلال القدرات بالشكل الأمثل.