يظل دوماً الصراع السياسي في الكونجرس الأمريكي، واحداً من العوامل الرئيسية المُحدِدة لملامح المشهد السياسي في الولايات المتحدة؛ لا سيما وأنه يشمل غرفتي التشريع، وتمرير القرارات داخل أروقة الكونجرس.
وخلال الساعات القليلة الماضية، حسم زعيم الجمهوريين كيفن مكارثي رئاسة مجلس النواب، بعد 14 جلسة لم تشهد حسم هذا الملف، في مشهد عكس انقساماً واضحاً في صفوف الحزب الجمهوري.
ونستعرض هنا أبرز الملامح التي يمكن من خلالها تناول دور مجلس النواب الأمريكي في صياغة سياسات واشنطن ومدى تأثيره على مجرياتها.
بداية المجلس
كان الكونجرس الأمريكي في بداية تشكيله يتكون من مجلس واحد فقط، تُمثل فيه كل الولايات، إلا أن بنية الكونجرس ظلت موضع خلاف بين الساسة الأمريكيين في ثمانينيات القرن الـ18؛ ليسفر هذا الخلاف عن اقتراح، يتضمن إنشاء مجلسين، أحدهما للنواب ينتخب مباشرة من قبل شعب الولايات المتحدة ويمثل الرأي العالم الأمريكي، ومجلس أعلى يتم انتخابه من قبل مجلس النواب نفسه.
وتوصلت اتفاقية "كونيتيكت" إلى حل، يتمثل في تكون الكونجرس من مجلس واحد "مجلس النواب"، ويمثل بشكل يتناسب مع عدد سكان الولايات، بينما يوفر مجلس الشيوخ تمثيلاً متناسباً بين الولايات نفسها؛ وهو المقترح الذي تم التصديق عليه من قبل الولايات الأمريكية عام 1788؛ ليبدأ المجلس عمله في إبريل من عام 1789.
ضوابط الانتخابات
تُجرى الانتخابات المكونة لمجلس النواب الأمريكي في كل عام زوجي، وتكون في الغالب بأول يوم "ثلاثاء" بعد أول يوم "اثنين" من شهر نوفمبر، وتُمثل كل مقاطعة بنائب واحد يتم انتخابه بالانتخاب المباشر.
ويبلغ عدد نواب المجلس 435 نائباً، ويتم إعادة ترسيم الحدود الانتخابية للولايات بعد كل تعداد؛ وهو ما يحدث مرة كل عشر سنوات، ويحق لكل ولاية ممثل واحد على الأقل، مهما كان عدد سكانها.
وتتضمن شروط التأهل ألا يقل عمر المترشح عن 25 عاماً، ويحمل الجنسية الأمريكية طيلة السنوات السبع التي سبقت ترشحه، كما يجب أن يكون المترشح مواطناً في الولاية الذي يمثلها وقت الانتخاب على الأقل.
ويخدم النواب لمدة سنتين بمجلس النواب، بينما تصل فترة خدمة المفوض المقيم لأربع سنوات، ويمكن فصل أحد أعضاء المجلس بتصويت يوافق خلاله ثلثا الأعضاء؛ وهو الأمر الذي لم يحدث طيلة تاريخ المجلس سوى 5 مرات فقط.
أهمية مجلس النواب
تكمن الأهمية الأساسية لمجلس النواب الأمريكي في تمرير التشريعات، حيث ينص الدستور في الولايات المتحدة على أن جميع مشاريع القوانين الخاصة بزيادة الإيرادات يجب أن تصدر من مجلس النواب، وإن كانت موافقة مجلس الشيوخ مطلوبة لكي يصبح المشروع قانوناً.
ويجب على كلا المجلسين تمرير نفس النسخة من مشروع القانون، وفي حال وجود خلافات، فيمكن حلها من قبل لجنة المؤتمر، والتي تضم أعضاءً من كلا المجلسين.
ويمنح القانون الأمريكي لمجلس النواب إمكانية عزل المسؤولين الفيدراليين بتهم الخيانة والرشوة وغيرها، فيما يُمنح مجلس الشيوخ صلاحيات محاكمة مثل هذه الاتهامات.
كيفن مكارثي
ونجح مكارثي، النائب الجمهوري عن الدائرة 23 لكاليفورنيا، في الفوز بمنصب رئيس مجلس النواب؛ ليتوج 16 عاماً من عضويته بالمجلس بهذا المنصب.
وبدأ حياته السياسية في عام 2000، حيث فاز بأول انتخابات عامة له بصفته وصياً لمنطقة كيرن، ثم تم انتخابه في عام 2002 لتمثيل المقاطعة 32 في جمعية ولاية كاليفورنيا، ثم اختير بالإجماع من قبل زملائه الجمهوريين للعمل كزعيم جمهوري في الجمعية؛ ليصبح أول مشرع جديد، وأول مشرع من مقاطعة كيرن يتولى هذا المنصب الأعلى في الهيئة التشريعية لولاية كاليفورنيا.
وانتخب مكارثي لأول مرة لعضوية الكونجرس في عام 2006، وفي عام 2014، تم انتخابه زعيماً جمهورياً في مجلس النواب.