الحديث عن المسرح ذو شجون؛ إذ يعد أبا الفنون، ومرآة الشعوب، بهذه الكلمات يفسّر الفنان السعودي عبدالعزيز المبّدل أسرار رحلة المسرح السعودي، حينما التقته "أخبار 24" في منزله، مسترجعاً التفاصيل التي تكتنزها ذاكرته.
يقول الرجل الذي يعد أهم رواد المسرح: قبل نصف قرن كانت بداياتنا الفنية عبر مسرح المدرسة؛ إذ نستقي نصوص مسرحياتنا من القصص الاجتماعية الفكاهية، بجانب ما تتضمنه بعض حكايات المناهج التعليمية، فيما نالت بعدئذ المراكز الصيفية نصيبها من التجارب المسرحية.
ويضيف بعد تلك التجربة أصبحت أكثف قراءاتي في المسرح، وأشارك مع المسرحيين، حتى حلّت أحـداث جهيمان وما أفرزته من ظرف تاريخي سُميَّ بالصحوة التي شكلت منعطفاً مختلفاً في الحركة الفنية.
في ذلك الحين "والحديث للمبدل" نشأت حالة صـدام مع التيارات المتشددة الذين لم يكونوا على حق، غير أن تلك الحركة لم تزد المسرحيين إلا الثقة والحماس.
ويقول إن أولئك المتشددين ليسوا أصحاب نوايا طاهرة، فنحن عاشرنا الجيل الأول وكانوا يتقبلون الفنون؛ إذ إنني لا أنسى حضور والدي إلى الجنادرية ليشاهد عروض الكتاتيب، كان مشجعاً وداعماً لي.
وعن سؤاله حول هل نجحت الصحوة في إعادة صياغة هويّة المسرح بما يتوافق مع أهوائها، أجاب بالنفي، قائلاً لم يقبل الأمر نهائياً، فهذه الحركة كانت ضد ممارسة الغناء والتمثيل، والرسم.
وفي سياق تلك المرحلة، يكمل عبدالعزيز المبّدل إننا كنا نشعر بحالة من المعاناة في تلك الحقبة، نشعر أننا على حق وهم ليسوا ذلك، بيئتنا جميلة ورسائلنا الفنية أيضاً جميلة؛ لم نحمل سلوكيات خاطئة؛ لكن نية أولئك المتشددين لم تكن سليمة.
واستذكر المبدّل جملة حـوادث لا تنساها ذاكرته مثل حـادثة جامعة اليمامة الشهيرة، حينما حاول المتشددون فرض قوتهم وإثارة الشغب والاعتداء على الممثلين من أجل إيقاف عرض مسرحية بعنوان "وسطي بلا وسطية".
وفي ذاكرته تفاصيل شخصية لافتة عن تأثير تلك الحركة على واقع حياة الفنان؛ إذ لا ينسى موقفاً شخصياً حينما كان في الحرم المكي خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، بعد أن جاءه أحد المتشددين قائلاً له ما الذي جاء بك إلى هنا؟
في الوقت الراهن، يبدي سعادته الفنان المبّدل حينما انفرجت أسارير مشتغلو الحركة الفنية بعد أن زُفَّ إليهم بشرى عودة المسرح المدرسي بشكل مهني ومؤسسي عبر مبادرة أخيرة أقرتها وزارتا التعليم والثقافة، يقول: كان الأمر مبشراً، فالعودة في الوقت الراهن مبنية على أسس، ويلفت المبدل في إطار ما يحمله في ذهنه من تفاصيل إلى أن المسرح كان يحظى بقوة في إظهار المواهب وتصديرها إلى الساحة سواء الفنان، والعازف، والممثل، والمقدم؛ إذ لم يكن بمقدور أحد اكتشاف المواهب تلك لولا "أبو الفنون".