يستحيل أن يكون أحد من المنتمين لمن يوصف بـ"جيل الطيبين"، لا يعرف صوته الأجشّ، حتى إنْ كان من بعيد، دون النظر إلى وجهه ومحياه. فالجميع من أبناء جيل الثمانينيات، اعتادوا سماع صوت حسين النجار على موائد الإفطار خلال شهر رمضان المبارك، في فترة انتظار المدفع الرمضاني أن ينطلق، ليرتفع بعد ذلك صوت الحق من الحرم المكي الشريف.
وسبق ذلك أيضاً، أن كان النجار ابن مكة المكرمة، معلقاً على الحادثة الغادرة التي تعرض "اقتحام الحرم"، المعروفة بـ"حـادثة جهيمان" أواخر عام 1979م، باعتباره من أوائل المذيعين السعوديين في تلك الحقبة التاريخية من الزمن.
النجار صاحب طلّة وحضور متميز. مُحياه يوحي ببراءة لا تُوصف. كان خروجه في ليلة "صوت الأرض"، التي خصصتها الهيئة العامة للترفيه، لإحياء ذكرى الفنان الراحل طلال مداح، بمثابة استعادة للذكريات التي تراكمت عليها الأيامُ والسنون لأبناء ذلك الجيل المذكور آنفاً.
وكما هو معروف عن أبناء مكة المكرمة ومن اعتادوا الجلوس في أزقتها لتبادل أطراف الحديث والسمر والسهر، امتلاك الحس الفكاهي، وهذا ما عبّر عنه النجار خلال استعادته لأحد المواقف التي جمعته بالراحل طلال مداح. يروي النجار القصة، ويقول: "ذهبت يوماً لأُجري حواراً مع الفنان طلال مداح. قلت له الناس تتهمك بالجنون. وأجابه بالقول، سأعد لك من واحد وحتى الرقم عشرة. وهمّ بالعد فعلاً. وعندما فرغ من ذلك، قال، هل أنا مجنون. أجابه بلا. قال إذن أبلغ من يتهمني بالجنون عكس ذلك".
وبظهور صاحب الصوت التاريخي، على خشبة مسرح ليلة "صوت الأرض"، نفض الكثيرُ غبارَ الذاكرة، واستعاد أياماً كان يسود فيها النقاء ويتسيد الأنفس، يوم لا هم أكثر من الحصول على أدنى المتطلبات واحتياجات الحياة.. ومن ذلك، صحّ القول، إن "صوت الأرض، أعاد صوت الطيبين للواجهة"، والليلة بذلك أصبحت ليلتين.