لم يكُن إقرار الدولة للاحتفاء سنوياً بـ"يوم التأسيس"؛ لمجرد الترفيه أو التسلية، أو لصنع حالة من الفرح، إنما كان ذا أهدافٍ تملك الكثير من العمق والبُعد الوطني والأخلاقي، الذي يقوم على الأسس التاريخية للدولة والمجتمع؛ لصناعة جيلٍ يتمتع بالوعي الكامل بجذوره.

وصناعة الأجيال، بعيداً عن كونها ترتكز على التعليم والتربية، إلا أنها بالضرورة يجب أن تقوم على مخزون تاريخي على المستوى الفردي والجمعي، وامتلاك قدر من الوعي بالماضي والحاضر. وهذا هو الذي قاد المجتمع للانخراط مباشرةً في تبني فكرة الدولة، من ناحية الاحتفاء والابتهاج سنوياً بيوم التأسيس.

واستذكار يوم التأسيس بشكل دوري وسنوي؛ لا يمكن له أن يتم إلا بمراجعة التاريخ وإدراكه، واستيعاب نقاط القوى التي تملكها الدولة ككيان سياسي في الماضي والحاضر، بمساندة المجتمع، كعامل يعتبر ركيزة للوطن، وعاملاً مهماً للحفاظ على استقراره ونموه وازدهاره وتطوره.

وكما يتضح من الميادين العامة والشوارع والأزقة، في هذه المناسبة، اقتناع الرأي العام بـ"الفطرة"؛ لا سيما الجيل الصاعد، بالماضي كرافعةٍ تقوم عليها نهضة البلاد، وما انتشار ارتداء الأزياء السعودية القديمة من قبل الجميع، ذكوراً وإناثاً، شيباً وأطفالاً، إلا مؤشر يكشف مدى إيقان المجتمع بالعمق التاريخي، الذي يستدعي المحافظة عليه بالدرجة الأولى، وتربية النشء على أساسه بالدرجة الثانية.