نكأت حلقة المسلسل السعودي العائد إلى الواجهة من جديد "طاش"؛ جراح الصحافة السعودية، وكشفت كثيراً من الواقع المرير المستور، الذي يُعاني منه هذا الذراع المهم لـ"الإعلام السعودي" بشكله الكُلي.
ونبشت الحلقة العقبات المالية التي تقف عثرةً في وجه الصحافة، والصحافيين السعوديين، لا سيما الذين أمضوا سنوات في "بلاط صاحبة الجلالة"، ووجدوا أنفسهم أمام حائط يصعب تجاوزه، أو القفز عليه، أو اختراقه.
وذلك الواقع الذي حل بالصحافة لم يأت من فراغ، إنما كان نتيجة عاملين هامين؛ الأول: عدم وجود استراتيجيات واضحة المعالم لإنقاذ الصحافة الورقية من واقعها المرير، وهذا يفرضه عدم مواكبة العصر من قبل أرباب الصحف، وبقاؤهم على النهج القديم. والثاني: منح الأرضية والفرصة لمن يُدعون "مشاهير" مواقع التواصل الاجتماعي، أو من يُحب العامة وصفهم بـ"مشاهير الفلس"، واستقطابهم أسواق الإعلان، التي كانت في السابق تجد ضالتها في الصحافة الورقية، من الناحية الإعلانية.
وبالنسبة لـ"المُعلن"، فلا ذنب له من حيث البحث عن مصالحه العامة بالوسائل التي تقوم بخدمته أكثر من غيرها، وذلك حتماً لن يتم إلا بحسابٍ يعتمد على لغة الأرقام التي لا تكذب. وفي المقابل فاللوم بواقع الحال ليس على من يملك وسيلة إعلام خاصة تتحول إلى منصة إعلامية تعود له بكثير من المال، والقصد هنا مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالعودة لتفاصيل الحلقة التي كتبتها أماني السليمي، وتخطت عبرها كثيراً من الحدود، ووضعت أصبعها على الجرح، فقد كان لافتاً تحول البطل، "كاتب الرأي" الرصين في إحدى الصحف اليومية من حالٍ إلى حال، بعد أن قررت الصحيفة التي أمضى بها أكثر من عشرين عاماً، إما الاستغناء عنه، أو البقاء على حاله دون مقابل.
وسلك البطل، الذي جسد شخصيته الفنان ناصر القصبي، مسلكاً مختلفاً، إذ تحول إلى صانع محتوى وكاتب ليوميات "سوسو"، في صورة تُعمّق الجراح، وتمنح التفاهة كثيراً من المساحة، التي تمكّن من خلالها "المفلسون" الاستحواذ على وقتٍ ليس بهيّن من حياة المجتمع اليومية.
والحلقة هذه ليست إلا "رمي حجرٍ" في مياهٍ راكدة، للنظر إلى الصحافة "الجريحة"، والتي تعتبر أبرز الصور الناصعة التي تعكس واقع المجتمعات، باعتبارها ساعي البريد أو حامل الرسالة، من مجتمع إلى آخر، ومن دولة إلى أخرى، بدلاً من تصدر "سوسو" ومن شابهها للمشهد العام.